على طريق الحوار الوطني

وصلت اليمن إلى مرحلة خطيرة بسبب سوء إدارة البلاد القائمة على الاستئثار والاستبعاد وافتعال الأزمات، وها نحن اليوم نخشى ما سيقع على رؤوسنا من العالم الخارجي، بعد أن فقدت السلطة ثقة الداخل: أفرادا وأحزابا ومحافظات، ومنظمات مجتمع مدني، تنمية متخلفة، وفساد يزكم الأنوف، وامتلاك للوطن وخيراته يتحكم بها متنفذون أدى إلى تذمر ما زال يتنامى وينتشر ويتداعى.
عندما قال الشيخ (عبد الله بن حسين الأحمر) رحمه الله أن اليمن دخلت في نفق مظلم ويجب العمل للخروج منه لم يسمع لحكمته أحد، بل صبت السلطة جام غضبها عليه، وعندما أعلنت أحزاب اللقاء المشترك رؤيتها للإصلاح السياسي والوطني قوبل مشروعها بالرفض التام.
لقد احتاجت السلطة إلى أكثر من خمس سنوات حتى اعترفت بوجود أزمة وخلالها تفاقمت المشكلات، وزادت التداعيات التي وصلت إلى كراهية الوحدة عند بعض اليمنيين، وهي القيمة الجميلة في عصرنا المليء بالآلام والانكسارات.
اليوم دعت السلطة إلى حوار وطني يناقش قضايا الوطن، ولا داعي أن نتدخل في أسلوب جمع ثمانية آلاف مشارك وآلية امتزاج آرائهم، لكننا نتمنى من المؤتمرين أن لا يهدروا مزيدا من الوقت في الاستمرار بتمجيد الوضع القائم، أو عدم الشجاعة في تشخيص أسباب الأزمة، أو بعدم الجدية باقتراح الحلول، وفي حال مناقشة المشكلات بموضوعية يمكن الاتفاق على آلية لدراسة الرؤية التي سيتم التوصل إليها مع رؤية اللجنة التحضيرية للحوار الوطني، ومن ثم الخروج برؤية موحدة تمكن اليمنيين من امتلاك قرارهم، وتمنع تدخل الآخرين في شأننا الداخلي، نريد التواضع وعدم الاستعلاء لأننا في حال لا نحسد عليه!!
أتمنى أن لا تطلق ألسنة المتزلفين لشتم المعارضة واتهام نواياها، كما حدث الأسبوع الماضي في التناولات التي اجتهدت في النيل من العلماء وتسفيه آرائهم، واعتقد أن اليمن ليست بحاجة إلى اكتساب خصوم جدد في الداخل أو الخارج، ويكفي أننا اليوم في نظر العالم نقع في دائرة الدول الفاشلة أو في طريقها للفشل وهو وضع لا يشرف أي يمني.
لا يجدي اليوم إنكار الواقع المأساوي بكل تفصيلاته، ولا يمكن تحميل المعارضة مسئولية إخفاق السلطة، ولابد من إيقاف التدهور ومعالجة الأخطاء، والبداية الاعتراف بالآخر، ومواجهة الإخفاقات بشجاعة تؤدي إلى المحافظة على ما بقي من أطلال الثورة وأهداف الوحدة، فالبلاد لا تحتمل انتظار سنوات جديدة للحلول كما انتظرت أكثر من خمس سنوات حتى تم الاعتراف بالمشكلة!!